الموقف الرسمي
سبتمبر 10, 2018

عام هجري جديد، تستقبله الأمة الاسلامية، لتكتمل ألف وأربعمائة وأربعون عامًا على الهجرة النبوية.

عام هجري جديد يأتي على الأمة، وربما حالها ليس ببعيد عما كانت عليه عند هجرة نبيها عليه أفضل الصلاة والسلام، غير أنها لا تشكو قلة عدد أو إمكانات، بل تملك – وللعجب – دولًا وحكومات وجيوشًا، تحمل مسمى ” الإسلام “!

بينما لا يختلف حال تلك الملايين، ودولهم عن حال تلك الثلة المؤمنة، حين هاجرت مستضعفة، فارة بدينها من بطش، وظلم أعداء الدين، والحق، والعدل، والحرية.

وتمر السنوات مئات، بل آلاف، ليعود الدين غريبًا كما بدأ، مستضعفًا، وتعود حرية البشر، وحقوقهم الأساسية، مطلبًا يحاربون، ويعذبون، بل، ويحكم عليهم بالإعدام – بالقانون أو بغيره – إذا ما طالبوا بها!

وقد وفق الله الفاروق عمر، والمسلمون معه أن يكون التأريخ بالهجرة النبوية ليكون مظهرًا من مظاهر تميز هذه الأمة، وعزتها.

و تأكيدًا لمعنى أن الهجرة لم تكن لمجرد الفرار من الفتنة، أو الهروب من الإيذاء والتضييق، بل كانت سعيًا حثيثًا لإقامة مجتمع، وبناء أمة، وإنشاء دولة عدل وحرية.

وإن كانت الدعوة بالفعل قد انطلقت من مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد هجرته المباركة إليها، وتأسست الدولة، وتكونت الأمة، فإن فضل مرحلة التأسيس لا يستطيع أحدٌ إنكاره، وهى مرحلة الإعداد الكامن فى مكة، وما قام به الرواد الأوائل من الصحابة تحت القيادة الرشيدة للنبى صلى الله عليه وسلم – من جمع القلوب، والعقول على الفكرة الإسلامية، وشحذ الهمم، وتقوية العزائم، وترتيب الأفكار، والتخطيط الجيد.
ليعودوا إليها بعد حين فاتحين.

فكانت الهجرة بداية، وليست نهاية.
وكانت المحنة، والتضييق، فهمًا وتربية، ينطلق منهما الجهد والإعداد،وصولًا للعزة، والحرية، والريادة، لأمة قادت بحضارتها، وعدلها العالم سنوات طوال.
وإنَّا إذ نهنئ المسلمين بكل بقاع الأرض، على رأسهم هؤلاء المجاهدين الباذلين جهدهم – أسرى كانوا أو أحرارًا – بحلول عام جديد، نرجو من الله أن يكون عام خير وبركة ونصر وفرج، سائلين الله عز وجل أن يسدد الجهود، ويدبر للمجتهدين المثابرين، ويهون عن المستضعفين المضارين، حتى يجعل لهم، وللأمة مخرجًا قريبًا، بعونه وتوفيقه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

“وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا ”

 

الإخوان المسلمون – المكتب العام

القاهرة – الإثنين 30 ذو الحجة 1439هـ – 10 سبتمبر 2018م