الموقف الرسمي
ديسمبر 19, 2016

بيان مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين

 بسم الله الرحمن الرحيم

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون” (النور: 55)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد،

أيها الإخوان المسلمون، أصحاب دعوة الحق، وحملة رسالة النور، ورافعو مشاعل الهداية، يا أمل الأمة في أجواء التربص والكيد والتآمر على الأمة الإسلامية بأسرها، لقد نجحتم في جولتكم هذه ضد عصابة الانقلاب العسكري ومن خلفها من نظم استبدادية وأجندات غربية، وتمكنتم من إعادة ترتيب هياكلكم وتشكيلاتكم، فانتخبتم مجالسكم من الشعب والمناطق  المكاتب الإدارية حتى مجلس الشورى العام الجديد، وحملتمونا أمانة هذه الدعوة المباركة، وتحديتم السفاح وزبانيته بتجديد شباب دعوتكم، وتطوير بنائكم، على الرغم من الضربات الأمنية المتتالية التي استهدفت عرقلة طريقكم، فتلك جولة لها ما بعدها، وسيجد الانقلاب وجنوده منكم بإذن الله ما يحذرون.

أيها الإخوان المسلمون.. ننطلق في طريقنا هذا بتجديد وتطوير جماعتنا المباركة؛ لتكون هي الحاملة لأمانة هذا الدين، ولهموم هذه الأمة في هذا الوقت العصيب من عمرها، فكما انطلق الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا من سقوط الخلافة الإسلامية وواقع الأمة المرير في ذلك الوقت، رافعًا راية جديدة لمشروع إسلامي شامل، وساعيًا لأن يسود هذا الدين العالم من جديد، ولأن تعود الريادة للحضارة الإسلامية؛ فإننا ننطلق بإذن الله في مرحلتنا هذه من واقع الأمة المرير وجراح المسلمين في شتى بقاع الأرض – وليس آخرها حلب المحترقة  -لنعيد ضبط بوصلة المشروع الإسلامي السّني، ونضع الإخوان على طريقهم الذي رسمه لهم الإمام المؤسس، ونعيد رفع رايتنا من جديد؛ لنحقق الرسالة التي كلفنا بها الله عز وجل، وعلمنا إياها النبي (صلى الله عليه وسلم)، وعلى درب قادتنا وشهدائنا البنا وقطب وعودة وكمال.

أيها الإخوان المسلمون.. لقد أدى إخوانكم في اللجنتين الإداريتين العليتين السابقتين دورهما في تأسيس المسار الثوري، والعمل بكل طاقة لديهم من أجل دحر الانقلاب العسكري، تقبل الله منهم ما قدموا، وتقبل شهداءنا منهم، وغفر لهم ما قصروا فيه أو أخطأوا، ولقد ضربوا المثل في التجرد بأن وفَّوا بعهدهم وخارطة الطريق التي أعلنوها، فأتموا الانتخابات القاعدية، وطرقوا كل باب من أجل لمِّ شمل هذا الصف، وتطوير هذا البناء بما يحقق مصلحة الدعوة، ومن ثم فقد تقدموا باستقالتهم أيضًا كما وعدوا، وها قد تكللت مساعيهم على أيديكم بالنجاح، وقد تمكنتم فعليًا من تجديد مؤسسات الجماعة من القاعدة وحتى القمة.

إن مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين بمصر – المنتخب – وقد انعقد اليوم في أولى جلساته الإجرائية، قد اتخذ عددًا من القرارات والإجراءات، نفصّلها ونعلنها لجموع الإخوان؛ إلا أننا نتوجه قبلها لكافة إخواننا داخل جماعة الإخوان المسلمين بأياد ممدودة، وقلوب مفتوحة، وصدور صافية ونقية، لنطلب من كل الإخوان المسلمين في كافة ربوع الوطن، ولكافة قادتنا في المراحل السابقة، أن يعملوا على أن يتوحد الصف، وتلتئم الجراح، ونقفز فوق خلافات ضيقة، لنقف على أرضية واحدة ضد الهجمة العالمية الراهنة على الأمة الإسلامية، ولنضع أنفسنا أمام مسؤوليتنا أمام الله عز وجل ثم أمام الأمة، والصف.

كما ندعو إخواننا الذين لم يجروا الانتخابات في بعض المناطق والمحافظات، إلى اللحاق بإخوانهم الذين انطلقوا في قطار البناء والتجديد، فندعوكم إلى إنهاء انتخاباتكم القاعدية بأسرع وقت ممكن، فمقاعدكم شاغرة في كافة مجالس الجماعة، ولا يكتمل البناء إلا بكم.

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (آل عمران: 103 – 104)

إن مجلس الشورى العام قد أصدر عددًا من القرارات خلال انعقاده اليوم في العاصمة القاهرة، وهي:

  • قرر مجلس الشورى العام بأغلبية الأصوات فصل المؤسسات الرقابية والتشريعية بالجماعة عن المؤسسات التنفيذية، كخطوة أولى في طريق تصحيح البناء وتدعيم مؤسسية العمل، وما يترتب عليه من الفصل في تولي  الإخوان العاملين للمسؤوليات في المجالس الرقابية المتمثلة في المجالس الشورية، وبين تولي المسؤوليات في مهام تنفيذية بالجماعة.
  • قرر مجلس الشورى العام احتفاظ فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع بموقعه كمرشد عام لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك احتفاظ كل أعضاء مكتب الارشاد المعتقلين في سجون الانقلاب بمواقعهم حتى خروجهم من السجن وإسقاط الانقلاب.
  • قام مجلس الشورى العام بانتخاب رئيس للمجلس، ووكيل، وأمين، وأمين مساعد، وأمين للصندوق، لتتشكل بهم هيئة مكتب الشورى العام.
  • قرر مجلس الشورى العام قبول استقالة اللجنة الإدارية العليا للجماعة، وبدء إجراءات انتخاب مكتب إرشاد مؤقت للجماعة تحت اسم “المكتب العام للإخوان المسلمين“.
  • قرر مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، استمرار انعقاده لحين الانتهاء من استكمال كافة الإجراءات الإدارية والتنظيمية.

 ويتعهد مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، أمام الله عز وجل، وأمام الصف والأمة الإسلامية، بدء طوْر جديد لدعوتنا، تترسخ فيها قيم المؤسسية والشفافية والمساءلة، وتنبني فيه رؤية تتناسب مع تطلعات هذه الأمة، وتدرك واقعها والتحديات التي تواجهها، وتعمل على تطوير كافة الإمكانيات، والاستفادة من كافة الكفاءات، والعمل بأساليب منهجية، نحو امتلاك كافة أدوات النصر.

مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ” (الحج: 15).

مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين – في القاهرة

الإثنين 20 من ربيع الأول 1438هـ – 19 من ديسمبر 2016