رسالة الاخوان
مايو 26, 2017

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه..
وبعد،،
يأتي رمضانُ الرابع بعد رمضان “رابعة” الصامد، الذي امتزجت فيه أرواحنا فلم تستطع مغادرته، وكأنه بالأمس بين هتافات ومسيرات وتراويح، بين إيثارٍ واضحٍ وتضحيةٍ بكلّ غَالٍ في سبيل الله؛ لنيل حريتنا وكرامتنا ووطننا الذي داسَه العسكر تحت جنازير دباباتهم.
ما زالت الأرواحُ مأسورةً تَتُوقُ ليومٍ من أيام “رابعة” أو ليلةٍ من لياليها، والتي ستكون في يوم عزٍّ ونصرٍ وتمكينٍ.
إلى أرواحنا التي سبقتنا في حواصل الطَّيْر:
نسأل اللهَ لكم الرِّفعة والدّرجات العَليّة في فردوس الله؛ فقد بعتم وربكم اشترى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ..)، نسأل الله لكم القبول، وأن يُلحقنا بكم غير مُبدّلين ولا مُغيّرين.

إلى فلذات الأكباد التي في السجون وظُلُمات الأسر:
كل عام أنتم الخير لهذه الأوطان، نستمدُّ منكم الثبات على الحق والاستمرار في الثورة والعمل، ونُبشّركم بقول نبيكم – صلى الله عليه وسلم -: “مَن رَابَطَ يوماً وليلةً في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه، ومَن مَاتَ مُرابِطاً أُجرِي له مثل ذلك من الأجر، وأُجرِي عليه الرّزق، وأَمِنَ من الفتَّان”.
نعم أنتم المرابطون الصابرون على مواقفكم التي خُيّرتم فيها بين الثبات عليها في بلاء أو الحياد عنها في فتنة، فاخترتم الثبات والاحتساب، وما أخرجكم من دياركم إلا ابتغاء مرضاة ربكم، وابتغاء الخير لدينكم ووطنكم وأهليكم، وذلك ثغركم الذي رابطتم فيه، ونُشهد الله أننا لن نُساوِم بكم، ولن نُسَاوَم فيكم، وسيجعل اللهُ لكم فرجاً قريباً وخروجاً في يوم عزّ وتمكين، ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً.

إلى الأحباب المُهاجرين المُطاردين في الوطن وخارجه:
كل عام أنتم بخير، كل عام أنتم إلى الله أقرب، فيكم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾، فلا تُخالِطوا هجرتكم بغرض، ولا تُفسدوها بطلب استقرار ونسيان غاية، فلكم هدف وعليكم واجب، فلا تغفلوا الأهداف ولا تُؤخّروا الواجبات “… فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أوِ امْرَأةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ”، نحسبكم من العاملين لربكم ودينكم وخدمة أهداف ثورتكم وأوطانكم.

إلى رئيسنا الصامد الدكتور محمد مرسي:
كل عام وسيادتكم بخير، اخترنا واللهِ ما اخترتَ من ثباتٍ وصمودٍ وعدم تَخلٍّ عن أمانتك، فلعلّ الجميع عَلِمَ الآن مكانتك وآمالك التي كُنتَ تحملها لهذا الوطن وهذا الشعب، لن يُثنيك عن ثباتك استهدافهم لحياتك وتضييقهم عليك في جسدك وولدك وأهلك، فحرموك من زوجك وولدك وأحفادك.
لكَ الله حيث كنتَ، وإنا واللهِ لن نُساوِم بك ولن نُساوم عليك، فلا زلنا على عهدنا معك حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

إلى فضيلة مرشدينا الأكارم الدكتور محمد بديع والأستاذ محمد مهدي عاكف وجميع إخواننا الأحباب قادةً وصفاً:
كل عام أنتم بخير، كل عام أنتم إلى الله أقرب، نسأل الله لكم أجراً عظيماً، ونُشهده سبحانه أننا على عهدنا معكم، محافظين على مبادئ جماعتنا وأهداف دعوتنا، نعدل إنْ مَالَ الناس، ونعمل إنْ كَلَّ الناس، ونقصد الصواب إنْ حَادَ الناس، فحسابنا وحسابكم أمام رب الناس إنما سيكون عن أمانتنا التي تحمّلناها طوعاً، ومبادئنا التي تعلمّناها على أياديكم، فإنما اخترنا معكم طريقاً نبتغي فيه عِتقاً لأنفسنا من غضب الله “..كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا”.

إلى جموع الإخوان المسلمين في الداخل والخارج:
عليكم دورٌ كبيرٌ في إحياء الثورة، وضبط مسيرة الجماعة، وإحياء الأمل في قلوب المجتمع، مرحلة جديدة نستعيد فيها الثورة، ونجعلها مرة أخرى خياراً مجتمعياً تُرفَع فيه شعاراتها الكبرى من تغيير وحرية وعدالة اجتماعية، وذلك يتطلَّب سعة صدورنا مع الجميع، والعمل مع كل المُخلصين في هذا الشأن، بلا تنازلٍ عن ثابتٍ ولا تفريط في مُكتسب.
ولا تنسوا بيوت أهالي الشهداء والأسرى وعوائلهم من سؤالكم وتهنئاتكم، وإدخال الفرحة والسرور على ساكنيها، بَالِغُوا في ذلك واصنعوه، لا من باب الواجب ولكن من باب الحب وابتغاء المثوبة، فمَن خلَفَ غازياً في أهله فقد غَزَا، اصنعوا الخير في بيوتهم، ولا تجعلوا خلافاً عابراً يمنعكم عن ذلك؛ فتسقطون من عين الله، وتَفتنون إخوانكم من بعدكم، فإنا نحسبكم جميعاً على خير، ونرى في صنيعكم حُبّاً في الله وودّاً في إخوانكم.

إلى جموع شعبنا؛ إلى الثوار من إخواننا وأهلينا:
كل عام أنتم إلى الله أقرب، نسأل الله الذي بلّغنا رمضان وجمعنا فيه على الصيام أن يجمعنا في ميادين العِزّ والكرامة والحرية، نُنادي ونهتف بحقوقنا، فقد تعبّدنا الله بعبادته ليُحرّر أرواحنا من عبودية مَن سواه.
في الأخير نسأل الله أن يتقبَّل منا جميعاً طاعته، صياماً وقياماً وبرّاً، كما نسأله أن نُصادف مراده من العمل ومقاصده من الاحتساب، وأن نعود يداً واحدة على مَن ظلمنا، وألا نكون (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).

الإخوان المسلمون- المكتب العام
الجمعة 29 من شعبان 1438 هــ 26 مايو 2017م