المتحدث الإعلامي
سبتمبر 2, 2015

رسالة إلى الإخوان

إن الحمد لله، خالق كل شيء، ميسر كل صعب، قاصم كل جبار، مُنْفِذُ وعده، ناصر كل مستضعف، مُثَبّت الدين، وظاهر الحق، وخاسف الباطل، رب كل شيء ومليكه، يبتلينا ليمحصنا، ويمتحننا لينقينا، ويصطفي منا من يشاء، وينصرنا حين يقل النصير، ويثبتنا حين يفر الكثير، ويهدينا إلى الحق إن أردناه سبيل.

أيها الإخوان الثابتون، القابضون على دينكم، لقد اجتمع عليكم القاصي والداني ليقضوا على دعوتكم، ودين ربكم، فما عهدناكم إلا “مجاهدين مرابطين مخلصين” من أجل دينكم الغالي ودعوتكم الأبية، لاتخشون في الله لومة لائم، لا تهابون السجن أو القتل “الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) ” سورة العنكبوت.

أيها الإخوان المجاهدون، إنكم قد أعلنتم من أول يوم أن دعوتكم “إسلامية صميمة”، على الإسلام تعتمد ومنه تستمد ، وهتفتم بها من كل قلوبكم “الله غايتنا ، والرسول قدوتنا ، والقرآن دستورنا ، والجهاد سبيلنا ، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا ..”، وإن ما تمر به دعوتنا في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ هذه الأمة يتطلب صفاً ربانيا مؤمنا مخلصا متجردا مجاهدا متحابا رجّاعا إلى الحق.
أيها الإخوان الأبطال، إن أركان بيعتنا واضحة، عاهدنا به الله من أجل الحق وتحرير أوطاننا وتمكين ديننا، ولا نصر دون وحدة، والعقيدة أوثق الروابط وأغلاها ، والأخوة أخت الإيمان ، والتفرق أخو الكفر ، وأول القوة : قوة الوحدة ، ولا وحدة بغير حب , وأقل الحب: سلامة الصدر , وأعلاه : مرتبة الإيثار , (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر:9

أيها الإخوان الصابرون في الشوارع والسجون، إن ما مررتم به في سنوات جهادكم هو امتداد لأجيال قرر المولى عزوجل أن يصنعها على عينه “إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي” سورة طه.

أيها الإخوان الصامدون، يا حبّات قلوبنا، يا شقائق أرواحنا، إن مسارات النصر مبدأها الإخلاص، وحسن التخطيط، ومراجعة الخلل، ولنا في النبي المصطفى أسوة حسنة، نعم قد يكون شق عليكم الطريق، وصعبت عليكم المهمة، وبغى عليكم الفجرة، ولكنكم لا زلتم ثابتين، موحدين، مضحين بالغالي والنفيس “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ(13)” سورة الصف.

أيها الإخوان المسلمون إن الظروف التي تمر بها دعوتنا تستلزم منا التمسك أكثر بقيمها الأصيلة، وأن نكون جميعنا على قلب رجل واحد، ملتزمون بمعاني الشورى السليمة، والمؤسسية المستقرة في أدبياتنا، والقبول بالنصح والإرشاد وإعادة التقييم وتعديل المسار، إن كل هذا من فرائض الواقع التي لا يمكن تجاوزها.

أيها الإخوان الثوار، إن الثورة والجهاد الذي أمرنا الله بهما هو دين قبل أن يكون توجه، أو جزء من أدبيات جماعتنا المباركة، وعليه فإننا مأمورين بالسعي لتثبت هذه الحالة وإنجاحها وتعديل خططنا لتكون ملتزمة ومتفقة مع هذا الأمر الإلهي من أجل تحرير وطننا والأمة من طغيان الفسدة وشركائهم.

وأنتم أيها الشباب الأبطال إن الله قد أعزكم بالنسبة إليه والإيمان به والتنشئة على دينه، وكتب لكم بذلك مرتبة الصدارة من الدنيا ومنزلة الزعامة من العالمين وكرامة الأستاذ بين تلامذته. “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ” سورة آل عمران

فجددوا أيها الشباب إيمانكم ، وحددوا غاياتكم وأهدافكم، وأول القوة الإيمان ، ونتيجة هذا الإيمان الوحدة ، وعاقبة الوحدة النصر المؤزر المبين. فآمنوا وتآخوا واعلموا وترقبوا بعد ذلك النصر.. وبشر المؤمنين.

ويا قادتنا ومُرْشِدَيْنَا الأسرى في سجون العسكر الخونة، أنتم النجوم التي تنير سماء كفاحنا، على دربكم نمضي، لن نحيد، ثابتون على المنهج، على درب الشهداء الأبطال، ملتزمون بدين ربنا، وعدالة قضيتنا، واثقون في موعود ربنا “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) سورة النور.

أيها الإخوان المسلمون: إنكم تبتغون وجه الله وتحصيل مثوبته ورضوانه ، وذلك مكفول لكم ما دمتم مخلصين . ولم يكلفكم الله نتائج الأعمال ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الاستعداد ، ونحن بعد ذلك إما مخطئون فلنا أجر العاملين المجتهدين ، وإما مصيبون فلنا أجر الفائزين المصيبين . أيها الإخوان أكملوا طريقكم من أجل المولى العزيز ودينه، فإما نصر وإما شهادة.

والله أكبر ولله الحمد
محمد منتصر المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين