الموقف الرسمي
يونيو 29, 2018
أكثر من ستين عامًا من حكم الطاغوت العسكري، ومازالت مصر تعيش في قهرٍ، وظلمٍ، وفقرٍ، واستبدادٍ، تصاعدت مظاهرهُ آخر خمس سنواتٍ من حكم الخائن، القاتل، السيسي وعصابته.
 
خمس سنواتٍ عجاف، قضتها مصرُ في ظل حكمٍ عسكريٍ مباشر، أذاق أهلها صنوفًا من العذاب، لم يتعرض له الشعب المصري حتى في أشد فترات الاحتلال الأجنبي سوادًا.
 
خمس سنواتٍ اغتصب فيها العسكر حكم مصر، فحوّلها من الدولة الحلم، التي صعد نجمها بعد ثورة شعبية، استردت بعضًا من كرامةٍ، وقسطًا من حرية دولةٌ كانت تطمح لإقرار العدالة، والحكم الرشيد، فتحولت إلى “شبه دولة “، و”وطن ضايع “!
 
خمس سنواتٍ تصحو مصر كل صباحٍ على فاجعةٍ في أرواح أبنائها، ودمائهم، يقضون على مشانق المحاكم العسكرية، أو في عمليات التصفية الجسدية، التي ترسم في كل مرةٍ قصةً وهمية، لتغطية الجرم، أو في مواطن الإهمال والفساد قتلًا، وغرقًا، وحرقًا، في حوادث القطارات، والطرق، ومراكب الغلابة.
 
خمسُ سنواتٍ ولا يزال نزيف الثروات المتعمد الذي فرض على مصر سيناريو إفقار، وتركيع مرسوم، تفقد فيه مقوماتها وثرواتها من أراضٍ، وجزرٍ، وحقول نفط، وغاز ومعادن.
 
تفقد فيه حصص الماء، لتعود لزمن الجدب والصحاري التي تمنع فيها الزراعة قسرًا بحجة الحفاظ على حصص ماء الشرب!
 
مصرُ في خمس سنواتٍ حكمٍ عسكري انقلابي، عادت مئات السنين للوراء، فلا مواطن يشعر بأمانٍ في نفسه، وماله، وولده.
 
ولا مستقبل تتضح أيًا من معالمه، ولا تقدم، أو نجاح واضح في تعليم، أو سياسة، أو اقتصاد.
 
خمس سنواتٍ كانت شعارات مرحلة الحكم العسكري فيها (مفيش) و(أجيبلكم منين ) حلت فيها منظومة مكافحة الإرهاب الوهمية محل كافة أشكال إدارة الدول المعروفة، والمستقرة.
 
يقتصر دورها على افتعال الحدث تلو الحدث، لتغرق مصرُ في بحرٍ من الدماء، لا يستطيع الحكم العسكري العيش بدونه، لكونه لا يتقن إلا الحرب، والقتل، وبيئة الدمار .
 
لقد أيقن الجميع أنه لا تعاون بين السياسة، والدبابة، وأن من أتت به الدبابة سيظل يعتليها حتى لو ارتدى الزي المدني، وسيظل يحافظ، ويحرص على استمرار ذات البيئة التي أتت به، يقصي الجميع، ويقتل الجميع، ويسجن الجميع، ليبقي منفردًا.
 
خمس سنواتٍ لم يتغير جوهر المشهد، وإن تغيرت شخوصه، فالانقلاب الذي ضم العسكر، والقضاء، والداخلية، وأذرعه الحزبية السياسية، ومؤسسات الدولة العميقة، الدينية، وعصابات البلطجية، منظومة يستخدم فيها الجميع كل آليات الحرب القذرة.
 
خمس سنواتٍ تعاني فيها أحلام ثورة يناير (العيش ،الحرية ،العدالة الاجتماعية ) قتلًا ماديًا، ومعنويًا في ميادين الإعتصام، وسجون النظام، بل وكل حارات، وشوارع الوطن المسجون.
 
خمس سنواتٍ، ومازال العسكر يعتقلون خيرة شباب مصر، وأملها في عيشة كريمة، يسجنون رئيسًا، وبرلمانًا، ووزراءً، ومنظومة حكمٍ، وطليعة سياسة، وحركات مجتمع حية، على اختلاف توجهاتها، وتنوع انتماءاتها، جاءت، وتشكلت في ظلال ثورة، شهد العالم بنزاهة استحقاقاتها الانتخابية.
خمس سنواتٍ ومازال المعتقلون صامدين في سجون الظالمين، ينزفون من دماءهم، وحرياتهم.
 
خمس سنواتٍ تُحكم مصر بمنظومة تلبي مطالب إقليمية لصالح الصهاينة تارة، وحكام الدويلات الخليجية أخرى، وتعمل وفق قواعد الارتزاق العسكري، وسياسة تحت الطلب، وآليات التقسيم والتقزيم والتفريط.
 
هذا ما يصنعه الانقلاب، في صبيحة كل يوم، ونهاية كل ليلة.
إن واجب الوقت الآن، وفي ظل النظام العسكري الذي تعيشه مصر، أن يعمل الجميع على تكوين حركة تحرر وطني، تعتمد ثورة يناير مرجعية، باعتبارها الثورة الوحيدة، والأرضية المشتركة، التي يُجمع عليها الكل.
 
بغير هذا، سنظل نشاهد أطلال وطن، وشبه دولة، وأنقاض حياة، لن يتركها الحكم العسكري، إلا وهي خاوية على عروشها، وفق مطالب من أقاموه فينا، ووطدوا ملكه، وأعانوه بالمال والسلاح والتغطية .
 
قدْر مصر وقدَرها أن تكون محط الأنظار، وقائدة السرب في أوقات الرفعة، وأوقات الانحدار.
 
وقدرنا كشعب، أن نحييها بعد موات، ونقيلها بعد عثرة، ونبنيها بعد خراب، فهي بلادنا، وأوطاننا، وإن اعتلاها حقير، وفرض عليها الأسر عسكري.
 
(…. وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا)
[سورة اﻹسراء 51]
 
(.. وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)
[سورة الشعراء 227]
 
الإخوان المسلمون – المكتب العام
 
 القاهرة – الجمعة 15 شوال 1439هـ 29 يونيو 2018م