الموقف الرسمي
أغسطس 14, 2018

لا تعد مذبحتي رابعة والنَّهضة مجرد أحداث مرَّت، ولا يمكن روايتها كتاريخ ساعات معدودة، أو إحصاء لأعداد شهداء قضوا.

إنَّ هذا اليوم منذُ خمس سنوات سيظل وصمة في تاريخ الوطن، حين مارس العسكر أقصى درجات الإجرام تجاه أفراد الشعبِ الأعزل، وحين خسر الوطن والشعب ما حققهُ من مكتسبات، وما تحصَّل عليه من حقوق في بداية طريق الحرية بعد ثورة يناير.

مرَّت خمسة أعوام، لمْ يتوقف الظلم، والقتل، وانْتهاك الحريات، وتجريف الوطن.

خمسةُ أعوام، والوطن ينزف، والقيود تزيد، والفساد يسيطر، والشعب تزداد معاناتهِ ويزدادُ قهره.

إننَّا ومع هذه الذكري التي لا تغيب عن العقول، والنفوس، ولاتسقطُها مرور السنوات، نؤكدُ أنَّ شعبنا وإنْ اسْتكان أمام قهرِ الجلاد، وإنْ صمتَ حينًا، فلا يظن هَؤلاء المجرمون ممن يحكمون بدباباتهم، ويختفون وراء أسوارهم العالية، ويتسترون بأسلحتهم، لا يظن هؤلاء أنَّ الصمت سيدوم، أو أنَّ الأحرار قد استسلَموا -أو قد يستسلِمون- وينسون حقوقهم في الحرية، والعدالة، والكرامة، والحد الأدنى من لقمة عيش كريمة، فضلًا عن نسيان حق القصاص العادل لكل شهداءِهم، ومعتقليهم، وكل مصري خسرَ، أْو ضحى لأجل هذا الوطن.

إننَّا ونحن في هذا اليوم، نستعيد ذكْرى هذَا اليوم الفاصل في تاريخ الوطن، نوقنُ أنَّه لن يستطيع هذَا الشعب تخطي هذه المرحلة، والتخلص من عصابة الظلم التي تكتم على أنفاسه، إلا بتشابك الجهود، وتشارك الأهداف، والتوقف عند اللحظة الراهنة، لينسَى الجميع من الشرفاء والأحرار خلافات ومرارات الماضي، وتتضافر جهودهم نحو تحقيق غاية وطنية مشتركة، نحصلُ بها جميعًا على وطنٍ حر، يكون الشعب فيه هو مصدر السلطة الأعلى بالوطن.

يقرر مصيره، ويستعيدُ مكتسبات ثورته، ويحصل على حياة كريمة، ككل شعوبِ العالم الحر.

إنَّ هذا الشعبِ قد يصمت أو ينحني كَانحناء السنبلة، كما وصفها الشاعر، لكنه لا يموت.
فلا تَنْحنِي الشمسُ
إلَّا لتبلغَ قلبَ السماءِ
ولا تنْحنِي السنبلةُ
إذَا لمْ تكنْ مُثقلةٌ
ولكنها ساعةَ الإنحناءِ
تواري بذورَ البقاءِ
فتَخْفي برحمِ الثرَى
ثورةً .. مقبلةً

فلتحذروا هذه اللحظة، فحينها فقط تتكلم العدالة.
وحينها “وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ”

المكتب العام للإخوان المسلمين

 القاهرة – الثلاثاء 3 من ذى الحجة 1439هـ – 14 أغسطس 2018م