الموقف الرسمي
سبتمبر 11, 2016

“وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وعَلَى كُلِّ ضامِر يَأتينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميق” (الحج: 27).
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر.. ولله الحمد
عيد أضحى جديد تستقبله الأمة الإسلامية رغم كل ما تعانيه من جراح وآلام، ليتدبر فيه المسلمون من جديد الأمر الإلهي بالوحدة تحت راية لا إله إلا الله، بعد أن احتشدوا بزي موحد وهتاف موحد وقبلة موحدة، مخلصين لله القلوب، مسلمين لله الأنفس والنواصي، مهرولين إلى بيت الله الحرام؛ راجين غفران الذنوب والعتق من النيران.
الحج رسالة إلهية لا تتوقف أبدا؛ إنما الانتصار بالوحدة، وإنما المسلمون أمة واحدة، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، ولا نهضة ولا انتصار لمسلم أو مجموعة من المسلمين إلا بوحدة إسلامية كاملة وشاملة، يترابط فيها المسلمون من كل أنحاء العالم، ليعبروا كل الآلام والعقبات ويضمدوا كافة الجراح، وتعود أمة الاسلام قوية متماسكة وترفع رايتها من جديد خفاقة.
“يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْـرَبوا الْمَسْجِدَ الْحَرامِ بَعْدَ عامِهِمْ هذا” (التوبة: 28).
لقد علّم الله عز وجل المسلمين في موسم الحج، أن الرسالة الأصيلة للإسلام هي الثورة على الطاغوت والشركيات، وعلى كافة العادات والتقاليد والممارسات الشركية، وأنه لا مجال لتحكيم شرع الله عز وجل إلا بالثورة الكاملة على كافة مظاهر الجاهلية في المجتمع؛ فالاسلام رسالة للتغيير في المجتمعات والمنظومات الفاسدة، وهو ما يجعل الأمة المسلمة الآن رهن تكليف بالثورة على الظلم، والثورة على كل من يعادي الإسلام ويعمل على الإبادة الجماعية للمسلمين.
إن الهدف الأسمى الذي تتعلمه الأمة الإسلامية في عيد الأضحى هو فك الارتباط بكل الشهوات والمطالب الضيقة والعرقيات والعصبيات، وتعميق الارتباط بالله عز وجل، والمنهج الإسلامي الوسطي المعتدل، كما علم الله عز وجل سيدنا إبراهيم (عليه السلام) عدم التعلق والارتباط القلبي بأي شيء حتى ولده إسماعيل، وأن الارتباط الأعظم بالله عز وجل، كما يوجهنا الله عز وجل للتكاتف والوحدة وتوحيد هدف الأمة الإسلامية تحت راية الإسلام.
إن جماعة الإخوان المسلمين إذ تتقدم بالتهنئة إلى الأمة الإسلامية كافة بحلول عيد الأضحى المبارك، وتتقدم بالتهنئة الخاصة إلى أسر المعتقلين والشهداء في مصرنا الحبيبة وفي شتى بقاع الأرض، والمهجّرين في الشتات السوري، والمسلمين المضطهدين في بورما، والمحاصرين في فلسطين، وكافة المظلومين في شتى بقاع الأرض؛ فإنها تؤكد أن منطلقاتها الفكرية، وثوابتها العقائدية، تنبني بشكل أساسي على الوحدة الإسلامية الشاملة، وأن رسالتنا الرئيسية هي الوحدة الإسلامية على مسار الأفراد والأسر والمجتمعات والحكومات المسلمة، من أجل مناصرة كافة المسلمين في شتى بقى الأرض، بل ويتعدى ذلك إلى الوحدة والتشارك مع كافة المجتمعات والحضارات التي تؤمن بالحرية – التي هي إحدى فرائض الإسلام – والتي تؤمن بالعدالة الاجتماعية، وترفض الظلم، وتعلي قيم حقوق الإنسان.
فإلى أحرار العالم أجمع.. لا سبيل للخروج من المأزق الذي تعيشه الأمة إلا باتحاد إسلامي سني حقيقي، يقوم على العلاقات التشاركية الكاملة في مواجهة كافة الأخطار التي تحيق بأمة الإسلام.
وإلى أحرار مصر.. لا سبيل لكسر الانقلاب العسكري الغاشم، الذي بطش وظلم وقتل وعذّب الشعب المصري كله بكل طوائفه إلا باتحاد وطني حقيقي، قائم على التشاركية الكاملة، وعدم الانفراد من أي فصيل أو فئة أو طائفة، فهلم إلى اتحاد وطني حقيقي، قائم على مشروع وطني يتأسس على إقامة دولة الحرية والعدل، والتشاركية بقيادة مدنية كاملة لا عسكرية ولا طائفية.
نسأل الله عز وجل أن يوحد أمتنا على الخير وطريق الحق، وأن يجمع شمل وطننا على حرية وعدالة وأمن، وأن يجمع الإخوان المسلمين على كلمة سواء لإقامة الدين في النفوس والأوطان.
كل عام وأمتنا الإسلامية بخير، كل عام ومعتقلونا أحرار، وشهداؤنا قد عادت حقوقهم، والمظلومون قد ردت مظالمهم.
﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء: 92).
والله أكبر ولله الحمد
الإخوان المسلمون – القاهرة
الأحد التاسع من ذي الحجة 1437ه‍
11 سبتمبر 2016م